بحث هذه المدونة الإلكترونية

اشترك عبر البريـد

الأربعاء، 6 يوليو 2011

هوراس والبول :الأب الشرعي لأدب الرعب






يعد هوراس ولبول Horace Walpole شخصية أرستقراطية سياسية مهمة ومهندساً معمارياً لكن الأهم و الأبقى أنه كاتب مبدع ويكفي فقط أن نعرف أنه هو أول من كتب نوع ( أدب الرعب القوطي ) كما يرجع إليه الفضل في صك ( أدب قوطي ) في الأصل..


ولد هوراس ولبول في عام 1717 في لندن التي كانت وقتها عاصمة الإمبراطورية البريطانية (التي لا تغيب عنها الشمس ) كأصغر أبناء الخمسة للسير " روبرت والبول " .. و هو ينتمي للطبقات الأرستقراطية و كان أبوه رئيساً للوزارة و قد درس في جامعة كمبردج و لكنه غادرها دون الحصول على الشهادة و بعد تركه للجامعة صار عضواً في البرلمان و حاملاً للقب ( إيرل أورفورد ) ولم يتزوج و لم ينجب أطفالاً لذا فقد كان آخر من حمل لقب ( إيرل أورفورد )

و العجيب أن " هوراس ولبول " قد أستقى أفكاره عن الرعب القوطي و اشتق المصطلح نفسه من الطراز المعماري الذي بني عليه منزله الكائن في ( ستروبيري هيلز ) و هو من الطراز القوطي .



و كلمة ( قوطي ) لا ترجع للقوط كما يتخيل البعض بل إن معناها ( جرماني ) أو ( تيوتوني ) و هو طراز معماري عرفته أوروبا في القرن الثاني عشر الميلادي و قد أصبح هذا الطراز مميز لكل القلاع و القصور المخيفة التي تدور فيها قصص مصاصي الدماء و غريبي الأطوار الشاحبين في قصص الرعب ..

قلعة أوترانتو
قلعة أوترانتو هي العمل الأهم لـ " هوراس ولبول " و لعله الأوحد له وقد كتبت الرواية في عام 1764 لتكون نوعاً أدبياً جديداً في حد ذات وليكرس لفكرة ( الرعب القوطي ) ورغم أن كثيراً من النقاد و دراسي الأدب يعتبرونه نوعاً رخيصاً من أدب الرعب وغير جدير بالاحترام إلا أنه في الواقع نوعاً مميزاً من الأدب الذي له عشاقه ويكفي فقط أن نذكر المكانة التي وصل إليها كاتب الرعب الشهير ستيفن كنج والتي كان قد سبقه إليها هوراس ولبول.

وتدور الرواية باختصار حول (مانفرد ) أمير أوترانتو الذي يفقد ابنه الوحيد في حادث غامض بعد سقوط خوذة عملاقة من تمثال ( ألفونس) مؤسس أوترانتو ويحاول ( مانفرد ) أن يتزوج من أرملة ابنه ( إيزابيلا ) و لكنها ترفض ذلك فيبدأ في مطاردتها ، مما يجبرها على أن تلوذ بقباب القلعة وهناك تلتقي بالشاب الريفي (ثيودور) الذي تكتشف فيما بعد أنه هو الوريث الشرعي لأبراج ( أوترانتو ) .

و قد حظيت القصة بإعجاب الكاتب الكبير (والتر سكوت ) ولكنها من ناحية أخرى أثارت بعض الاعتراضات بسبب كثرة أحداثها الخارقة التي دمرت خيال المؤلف الخصب كما عبرت عن ذلك الكاتبة (كلارا ريف ).

العجيب أن (هوراس ولبول) نشر روايته هذه تحت اسم مستعار هو (مورالتو) و اخترع قصة بالغة الغرابة تدل في حد ذاتها على خصب خياله لتمرير هذا العمل الأدبي شديد الرقي فقد أدعى (هوراس ولبول) أن قصة ( قلعة أوترانتو ) من تأليف كاتب إيطالي يدعي (مورالتو) ؛ هو في حد ذاته من بنات أفكار (ولبول ) ؛ و قد عُثر عليها لدي أسرة بريطانية شمال البلاد و تمت ترجمتها أي أن " هوراس ولبول " ببساطة تبرأ من عمله الأدبي و نسبه لغيره و يكون السؤال المهم لماذا أقدم على ذلك؟!

إن الكاتب حينما يكتب عملاً أدبياً يصبح هذا العمل لفوره جزء من لحمه و دمه و يكون الموت أهون عنده من أن ينسب هذا العمل لكاتب آخر تماماً كما يرفض أي أب أن ينسب ولده لرجل آخر فكيف واتت  هوراس ولبول  الشجاعة ليتخلى عن تحفته الخالدة ؟!

ربما يكون لوضعه الأرستقراطي السياسي صلة بذلك .. أو لعله في النهاية كان يخشى النقد .. أو ربما تكون غرابة القصة ؛ بالنسبة لزمنها ؛ دفعته لأن ينشرها باسم مستعار حتى إذا ثارت عاصفة النقد عصفت باسم غيره ( اسم وهمي في الحقيقة ) و ليس باسمه هو !

اختلف موقف النقاد من هذه الرواية اختلافا تاماً :
فحينما نشرها " هوراس ولبول " بالاسم الإيطالي المستعار مدحها النقاد و أثنوا على قدرت " ولبول " كمترجم .. أما عندما ذكر الحقيقة في الطبعات التالية لها فقد شن النقاد هجوماً حاداً عليها و أصبحت في نظرهم مثالاً للرداءة و الركاكة !

و لكن مهما يكن الأمر فإن هذه القصة قد أرست الخطوط العريضة و حددت الملامح الرئيسية التي انتهجتها كل روايات و قصص الرعب القوطي بعد ذلك :

فنجد في كل هذه القصص ( قلعة مخيفة قوطية الطراز تعج بالأبواب السحرية و الأقبية المتعفنة التي يخيم عليها نسيج العنكبوت ولا بد طبعاً من الضباب الكثيف حول القلعة و كذلك لا غني عن البطلة الشاحبة التي تفقد وعيها بمعدل ستين مرة في الساعة هذا بخلاف التعرف على أشخاص غامضين مرعبين تحسبهم في منتهي الرقة فقط لتكتشف في النهاية أنهم مصاصي دماء ) !

وخلافاً لقلعة أوترانتو فقد ترك لنا (هوراس ولبول ) ثروة أدبية ممثلة في خطاباته والتي يبلغ عددها 3000 خطاب .. كذلك مذكراته أيضاً لها قيمة أدبية كبيرة

عاش " هوراس ولبول " في منزله القوطي في (ستروبيري هيلز) لباقي عمره وتوفي عام 1797 عن عمر ناهز ثمانين عاماً.

المصادر
- قلعة الأسرار - الجزء 39 من سلسلة ( روايات عالمية للجيب ) لـ  أحمد خالد توفيق

0 التعليقات:

إرسال تعليق